Pages

Wednesday, July 21, 2010

حوًلوا كرت المؤن إلى جواز سفر!!!

محمد خليف

من يريد اختصار معاناة اللاجىء الفلسطيني في بلدان الشتات والتشتيت العربي، فله أن يقرأ قصة ذلك الفلسطيني الذي قضى ماتيسر من حياته بين (الطائرات والمخيمات) مسافرا في الجو هربا من ظلم بني جلدته على أرض عروبته ممنوعا من عبورالمطارات من المحيط الى الخليج، ليحط به المقام في كانتونات اللجوء البائسة محاصرا، مهددا، ملاحقا، بين أزقة المخيمات، مصطفا على طوابير التحقيق الذي لم ينته منذ نكبته،  فتهمته معروفه ووثيقة ادانته -  يحملها  في حقيبيته منذ طرد من قريته. 
أكتب هذه الكلمات بينما يعتصرني ككل فلسطيني ألم وحسرة، ونحن نتابع مايجري  في لبنان الشقيق من تراشق اعلامي وسياسي ونيابي عنوانه (الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين بلبنان) ففي الوقت الذي نجحت فيه اسرائيل في تحويل قضية فلسطين من قضية وطن سلب، وشعب شرد، الى قضية حواجز، وتجميد استطيان وخلاف حول المحادثات مباشرة أو عبر وسطاء، تزامنا مع هذا الحال الذي وصلنا اليه يواصل العرب نجاحاتهم في انتزاع ما تبقى من انسانية اللاجىء مصرين ومتفقين  – ومن النادر أن يتفقوا -  على حصاره في مخيمات اللجوء والنسيان، والحجة هي رفض التوطين، والحفاظ على هوية الفلسطيني، فهل الفقر والجوع والمنع من الحقوق والحريات وسائل مساعدة على الصمود، أم أنها وصفة للضغط عليه ودفعه دفعا للتسليم، وهل ملايين العرب الذين يحملون جوازت سفر أجنبية وأوروبية نسوا  بلادهم، وقبل هذا وبعده، ألم يحمل كل اليهود جوازات سفر أجنبية وأوروبية استغلوا مزاياها ليحشدوا من أجل تأسيس كيانهم في فلسطين؟
ليست دعوة للتوطين، فأصلا هذا المصطلح لم يعد قائما في ظل تحول العالم الى قرية صغيرة، ذابت فيها الجنسيات لصالح العمل والبناء والانتماء  وخدمة المجتمع بغض النظر عن الجنسية والهوية، وقد كفلت كل الشرائع الانسانية الحقوق المدنية للانسان هذا من الناحية الانسانية، أما لو ناقشنا الأمر من الناحية السياسية التاريخية وجارينا السؤال القائل لماذا تتحمل الدول العربية مسؤولية ماتسببت به اسرائيل؟ وسلمنا أنها المسؤولة عن معاناتهم، فمن المسؤول عن منع الفلسطيني من القتال والنضال من أجل عودته لبلاده، وإن كان منحه حقوقه (يهدد أمن البلد) فمن المسؤول عن حصاره وعزله لأكثر من 62 عاما دون حق في التعليم أو العمل ليجمع مايعينه على مغادة المخيمات غير لآسف على عمره الذي ضاع فيها، وليريح ويستريح.
العيب كل العيب ليس على اللاجىء المحاصر بل على الذين بدلا من أن يجتمعوا ليضعوا خطط مواجهة الخطر الاسرائيلي المحاذي لهم، والاعداد  لمواجهته ودعم صمود ماتبقى من الشعب الفلسطيني في الداخل صمام الأمان للأمة، بدل أن يقوموا بذلك يجتمعوا لمواجهة أي تشريع يخفف من خنقه، ويمنحه أملا بحياة كريمة تعينه على مواصلة نضاله من أجول العودة، فإن كان تمكين اللاجىء من العيش كإنسان يهدد أمنكم، فإن مواصلة خنقه وعزله وحشره في المقابر البشرية يهدد بغضب وانفجار عارم  لن تقف حدوده عند أسوار المخيمات.
هي دعوة لوكالة الأونروا وللمجتمع الدولي لتحويل بطاقة اللاجى (كرت المؤن) إلى جواز سفر معتمد لتمكين اللاجىء  من الحصول على حقوق مدنية برعاية دولية ،وفتح المجال له للفرار من المقابر البشرية إلى فضاء رحب  يتمكن فيه من لملمة جراح غربته وإعادة ترتيب أوراق نكبته ليخطط للعودة ، ويستعد لها ، ولكن بكرامة وحرية ، وانسانية.
• إعلامي مقيم في لندن
• مقال خاص بـ"ألوان نيوز"





No comments:

Post a Comment